التعريف بعمر بن الخطاب وسبب إسلامه
مَن هو عُمر؟
هو: عُمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزَّى، القرشيّ، العدويّ، أبو حفص: ثاني الخلفاء الرّاشدين -رضي الله عنه وأرضاه-، ومِن عظماء التاريخ الذين شهد لهم العدوّ قبْل الصديق، بالعبقرية، وبالأمانة، والحزْم، والصِّدق، وبُعْد النّظر، كان مِن أشراف قريش في الجاهلية، وإليه كانت السّفارة والمنافرة والمفاخرة.
أسلم عُمَر في السّنة السادسة مِن البعثة، وكان عمُره ستاً وعشرين سنة. وكان مِن أشدِّ الناس على المسلمين. وكان -صلى الله عليه وسلم- يُحبّ إسلامه كما يُحبّ إسلام غيْره، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم أعزّ الإسلام بأحبِّ الرّجُليْن إليك: عُمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام)) فكان أحبّهما إلى الله: عُمر بن الخطاب، أما عمرو بن هشام "أبو جهل"، فقد قُتل يوم بدر كافراً -والعياذ بالله- كان عُمر قبْل أنْ يُسلم يسوم المسلمين سوء العذاب، وخاصّة مَن هم حوْله.
قال سعيد بن زيد، وهو ابن عمّ عُمر، وزوج أخته" :واللهِ لقد رأيتُنا، وإنَّ عُمر يوثِقني وأختَه على الإسلام، قبل أنْ يُسلم".
وروى ابنُ إسحاق: أنّ ليلى أمّ عبد الله، زوجة عامر بن ربيعة، قالت: "والله إنَّا لنرتحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر لبعض حاجته، إذ أقبل عُمر -وهو على شِرْكه- حتى وقف عليَّ، وكنا نَلقَى منه البلاء، فقالأتنطلقون يا أمّ عبد الله؟ قالت: نعم. والله لَنَخرُجنّ في أرض الله؛ فقد آذيتمونا وقهرْتمونا، حتى يجعل الله لنا مَخرجاً. قالت لزوجها: لو رأيت عُمر ورِقّته وحُزنه علينا... قال: أطمعتِ في إسلامه؟ قلت: نعم. فقال: لا يُسلم حتى يُسلم حمار الخطّاب".
هكذا كان عُمر شديداً على المسلمين، لا يأملون منه الإسلام، ولكنَّ نور الإيمان إذا خالط بشاشة قلْب الإنسان، طرَد كلّ ظُلْمة كانت بقلْبه، ونعود إلى السّبب المباشر لإسلام عُمر، بعد توفيق الله تعالى واستجابته -سبحانه وتعالى- لدعاء نبيِّه وحبيبه -صلى الله عليه وسلم-.
وخلاصة ما قيل في سبب إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، أنه خرج يوماً يريد قتْل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلقِيَه رجل، فقال: أين تعمَد يا عُمر؟ قال: أريد أنْ أقتل محمداً. قال كيف تأمن بني هاشم وبني زهرة، وقد قتلْت محمداً؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبوْت، وتركْت دينك الذي أنت عليه. قال: أفلا أدُلّك على العجَب يا عُمر؟ إنّ أختك وختَنك قد صَبَوَا وتركا دِينك الذي أنت عليه. فمشى عُمر حتى أتاهما، وعندهما خباب بن الأرت، معه صحيفة فيها (طه)، يُقرئهما إيّاها. فلما سمع خباب حِسّ عُمر، توارى في البيت، وسترت فاطمة -أخت عُمر- الصحيفة، وكان قد سمع عُمر حين دنا مِن البيت قراءةَ خباب إليهما. فلمّا دخل عليهما قال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ فقالا: ما عدا حديثاً تحدّثناه بيْننا.
قال: فلعلّكما قد صبوْتما؟ فقال له ختّنه: يا عمر، إنْ كان الحقّ في غيْر دينك؟ فوقف عُمر على ختَنه، فوطِئه وطْءاً شديداً، فجاءت أُخته فرفعَته عن زوجها، فضربها حتى شجّ رأسها، فقالت وهي غضبى: يا عُمر. إن كان الحق غيْر دينك، أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمداً رسول الله
فلمّا يئس عُمر، ورأى ما بأخته مِن الدّم، ندِم واستحيى؛ فكانت هذه اللحظات العاصفة لها الأثَر في نفْس عُمر، حيث عرف أنّه ارتكب حماقة في حقّ أخته وفي حقّ زوجها ابن عمه، فندم. فقال عمر: اعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرؤه. فقالت أخته: إنك رِجْس، ولا يمسّه إلا المطَهّرون! فاغتسلْ. فقام فاغتسل، ثم أخذ الكتاب، وبدأ يقرأ بعد البسملة: {طه...} إلى قوله تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}. فقال: ما أحْسن هذا الكلام وأكرَمه! دُلّوني على محمد! فلمّا سمع خباب كلام عُمر، بشّره بدعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. فدلّوه على مكانه، فذهب إليه وأعلن إسلامه.
وكان إسلام عُمر نصراً للإسلام والمسلمين وعِزاً؛ فقد أسلم بعد حمزة بثلاثة أيام، وسمّاه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "الفاروق". وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "ما كنّا نقْدر أنْ نُصلّي عند الكعبة، حتى أسلم عُمر". وقال: "ما زِلنا أعزّة منذ أسلم عُمَر".
وعن صهيب بن سنان -رضي الله عنه-، قال: "لمّا أسلم عُمَر، ظهر الإسلام ودُعي إليه علانية، وجلسْنا حول البيت حِلقاً، وطُفنا بالبيت. وانتصفنا ممّن غلط علينا، ورددْنا عليه بعض ما يأتي به".
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "نزل جبريل -عليه السلام- على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يا محمد، لقد استبشر أهْلُ السماء بإسلام عمر"، رواه ابن ماجه.