التّعريف بحمزة -رضي الله عنه-
من هو حمزة؟
حمزة بن عبد المطلب بن هاشم: عمّ الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أسَد الله وأسَد رسوله، يُكنى: أبا عُمارة، وأبا يعلى أيضاً. أسلم في السّنة الثالثة، وقيل: في السّنة السادسة، بعد دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم.
كان أسنّ مِن الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- بأربع سنين، وقيل: بسنتيْن، وقيل: بل كانا متعاصريْن.
سبب إسلام حمزة -رضي الله عنه-
روى ابنُ أبي حاتم: أنّ حمزة بن عبد المطلب كان حَسَن الهيئة، مُهتماً بالصّيد، وأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَرّ بأبي جهْل، فولع به أبو جهل وآذاه. فرجع حمزة مِن الصيد، وامرأتان تمشيان خلْفه، فقالت إحداهما: لو علم ذا ما صنع أبو جهل بابن أخيه، أقْصر عن مِشيته. فالتفت إليهما، فقال: وما ذاك؟ قالت: أبو جهل فعَل بمحمدٍ كذا وكذا.
فدخلته الحميّة، حتى دخل المسجد، وفيه أبو جهل، فعلا رأسَه بقوْسه، ثم قال: "دِيني دِينُ محمد، إنْ كنتم صادقِينَ فامنعوني!".
وذكر ابن إسحاقأنّ أبا جهل مرّ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بالصّفا، فشجّه وآذاه، فلم يرُدّ عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وكانت مولاة لعبد الله بن جدعان تسمع الكلاموكان حمزة مولَعاً بالصّيْد وأعزّ فتًى في قريش. وعاد مِن صيْده بعد هذه الحادثة، فلمّا مرّ بالمولاة، قالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك مِن أبي الحَكم! وجَده جالساً فآذاه، وسبّه، وبلغ مِنه ما يَكره، ثم انصرف عنه، ولمْ يُكلِّمه محمد، فغضب حمزة، وذهب يبحث عن أبي جهل، فوجده جالساً بيْن قريش، فضربه على رأسه بقوْسه حتى شجّه، ثم قال: "أتشجّه، وأنا على دِينه، أقول ما يقول؟ فرُدّ ذلك عليَّ إنِ استطعتَ!".
وتذكر الروايات: أنّ حمزة بعْد ما عاد إلى بيْته، بات يُفكِّر فيما قاله، وكيف قاله؟ ولماذا يتْرك دِينه؟ وفي الصباح، جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فشكا إليه همّه في ذلك، فجعل -صلى الله عليه وسلميُحدِّثه ويُرغِّبه ويرهبه، حتى أسلم، وكان إسلامه نصْراً للإسلام والمسلمِين، فكَفُّوا عن بعض ما كانوا يُؤذون به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
جهاده ونُصْرته لِدِين الله:
كانت أوّل سريّة بعثها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بقيادة حمزة، ورايَتُهُ أوّل راية عقَدها -صلى الله عليه وسلم- .
شهد حمزة بَدراً، وأبلى فيها بلاءً حسناً، قتَل عتبة بن ربيعة مبارزةً، وشهد يوم أُحُد، واستشهد فيه؛ قتَله وحشيّ بن حرب الحبشيّ. وكان يوم قُتل عمُره تسعاً وخمسين سنة. ودُفن هو وابن أخته: عبد الله بن جحش، في قبْر واحد.
وقد مُثّل بالشهداء يوم أُحُد، ومَثّلت به هند بنت عتبة، بل يُقال بأنّها بَقَرت بطنه، فأخرجت كَبِده، وجعلت تلوكُه ثم لفظته.
ولمّا رأى -صلى الله عليه وسلم- تمثيل قريش بالشهداء، قال: ((لئِن ظفرْتُ بقريش، لأُمثِّلنّ بثلاثين منهم))، فأنزل الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ}.
تأثّر -صلى الله عليه وسلم- بوفاة عمِّه حمزة، وقال عنه: ((حمزة سيِّد الشهداء)). وقد وصَفه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((رحِمك الله أي عمّ، فلقد كنت وصولاً للرّحِم، فَعولاً للخيْرات)). ولمّا رأى -صلى الله عليه وسلم- النساء يبكين موتاهنّ، قال: ((لكنَّ حمزة لا بواكيَ له)). 
فرضى الله عن أبي عمارة وأرضاه، على ما بذَلَه مِن نُصرة الدِّين، وجمَعنا معه في الجِنان في أعلى علِّيِّين.
وقال -صلى الله عليه وسلم- حين وقف عليه: ((لنْ أُصاب بِمثْلك أبداً)). وقد صلّى -صلى الله عليه وسلم- عليه وعلى الشهداء، فأُتي بحمزة وشهيد، فصلّى عليهما، ثم رُفع الشهيد وبقي حمزة، فأُتي بشهيد آخَر وصلّى عليه وعلى حمزة. وهكذا جيء بالشّهداء شهيداً شهيداً، حتى صلّى على حمزة يومئذٍ سبعين صلاة.