ميلاده -صلى الله عليه وسلم-: الزّمان والمكان:
هناك خلافٌ بين علماء السِّيَر حولَ: العام، والشهر، واليوم، والمكان الذي وُلد فيه -صلى الله عليه وسلم-.
صلاة المسلمين في بداية الإسلام -ركعتان.
ذُكِرَ: ((أنّ جبريل -عليه السلام- ضرب الأرض فنبع الماء، فتوضّأ أمام الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فتوضأ -صلى الله عليه وسلمكما رأى. ثم صلّى ركعتيْن. فصلّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ثم علّم -صلى الله عليه وسلم- خديجة الوضوء والصلاة، فكانا يصلّيان)).
قال ابن إسحاق: وكان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلَّوا ذهبوا في الشَِّعاب، واستخفَوْا بصلاتهم مِن قومهم.
وقد وقف أبو طالب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليّ في الشعاب يصلّيان، فقال: يا ابن أخي، ما هذا الذي أراك تَدِين به. قال -صلى الله عليه وسلم-: ((أي عمّ! هذا دين الله ودين رُسله، ودين أبينا إبراهيم، بعثني الله به رسولاً إلى العباد)).
وقد وقعت في الشّعاب معركة بين سعد بن أبي وقاص وبعض قريش. رأوه وبعض المسلمين يصلّون، فضربه أحدهم بلحْي بعير، فسال دمه؛ فكان أوّل دم أهرق في الإسلام.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((افتُرضت الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوَّل ما افتُرضت عليه: ركعتيْن ركعتيْن، كلّ صلاة. ثم إنّ الله تعالى أتمّها في الحضَر أربعاً، وأقرّها في السفر على فرْضها الأول ركعتيْن)).
وذكر بعض العلماء: أنّ الصلاة كانت قبل الإسراء، وفرض الصلاة كانت: صلاة قبل طلوع الشمس، وأخرى بعد الغروب.
تقدّم أنّ أبا طالب أعلن موقفه مِن دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمام بني المطّلب؛ وهذا الموقف يتلخص في أمريْن اثنيْن:
أولاً: الالتزام التام بحماية الرسول -صلى الله عليه وسلم-، مهما كلّفه ذلك مِن أمر.
ثانياً: يعلم علْم اليقين: أنّ ما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- حقٌ، إلاّ أنه لِمكانته مِن قومه، لا يريد أنْ يترك دين آبائه، وأنْ يُسفِّه ما كان يفعل عبد المطّلبفالهداية مِن الله تعالى. -اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم-. ونظراً لمكانة أبيطالب في قريش عامة، وبني هاشم خاصة، بدأت قريش تُحاوره مِن أجل التّخلّي عن حماية الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأنْ يَترك الأمْر لهم، وقد تذرّعوا بعدّة حُجج، وقدّموا عدّة عروض.
ويُمكن أنْ نُجمل أهمّ الأمور التي كانت تَحملها قريش في مفاوضتها مع أبي طالب في النّقاط التالية:
1- مشى رجال مِن أشرافهم إلى أبي طالب، فقالوايا أبا طالب، إنّ ابن أخيك قد سبّ آلهتنا، وعاب ديننا، وسفّه أحلامنا، وضلّل آباءنا. فإمّا أن تَكفّه، وإمّا أنْ تخلِّي بيننا وبينه. فإنك على مثْل ما نحن عليه مِن خلافه، فنكفيكَه. فقال لهم أبو طالب قولاً رقيقاً، ورداًّ جميلاً.
2- قريش تُعاود الكَرّة مرة ثانية. جاء الوفد مرة أخرى إلى أبي طالب، فقالوا: يا أبا طالب، إن لك سناًّ، وإن لك شرفاً ومنزلة فينا. وإنا قد استنْهيْناك مِن ابن أخيك، فلمْ تَنْهَه عنا. وإنّا والله لا نَصبر على هذا: مِن شتْم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيْب آلهتنا، حتى تكفّه عنّا، أو نُنازله وإياك حتى يهلك أحد الفريقيْن. ثم انصرفوا.
ونلاحظ هنا الفرْق بيْن ما قاله الوفد في المرة الأولى، وما قاله في المرة الثانية.
فعظُم الأمْر على أبي طالب، وذلك لعدّة أسباب:
فِراق قومه وعداوتهم.
نفْسه لا تطيب بتسليم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى قريش. فماذا فعَل؟
أرسل أبو طالب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فلما جاءه، قال له: يا ابن أخي، إنّ قومك فاجؤوني، فقالوا لي: كذا وكذافأبْق على نفْسك وعليَّ، ولا تحمّلني مِن الأمْر ما لا أطيق.
ولكنّ موقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان صارماً، فقال في عِزّة وإباء، وثقة بما عند الله، وامتثالاً لأمر الله في تبليغالدعوة وبيان الحق: ((يا عم. والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي، على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهره الله أو أهْلك فيه، ما تركتُه)). ثم استعْبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فلما ولّى، ناداه أبو طالب فقال له: اذهب يا ابن أخي! فقل ما أحببت. فوَالله لا أُسلمك لشيء أبداً! 
عمارة بن الوليد مقابل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن إسحاق: ثم إنّ قريشاً، حين عرفوا أنّ أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإسلامه لهم، مشَوْا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له: يا أبا طالب، هذا عمارة بن الوليد، أنهد -أشدّ وأقوى- فتىً في قريش، وأجمله، فخُذْه، فلك عقله ونصره. واتخِذْه ولداً، فهو لك. وأسلمْ إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف ديننا ودين آبائك، وفرّق جماعة قومك،وسفّه أحلامهم، فنقْتله؛ فإنما هو رجل برجل. فقال: والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغْذُوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه! هذا والله لا يكون أبداًً. أرأيتم ناقة تحنّ إلى غير فصيلها؟ فحقب الأمر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، وبادى بعضهم بعضاً.
ويعلِّق ابن كثير على موقف أبي طالب مِن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فيقول: "إن الله تعالى قد امتحن قلبه بحبّ محمد -صلى الله عليه وسلم- حباً طبيعياً، لا شرعياً".

المراجع والمصادر



  1. الذهبي: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، دار الكتب العلمية 2006م.
  2. السهيلي: الروض الأنف، تحقيق: مجدي منصور سيد الشورى، دار الكتب العلمية 1997م.
  3. المحب الطبري: الرياض النضرة في مناقب العشرة، دار الكتب العلمية –بيروت 1405هـ.
  4. سيد الناس: عيون الأثر، ابن الشركة العربية للطباعة والنشر 1959م.
  5. محمد بن يوسف الصالحي: سبيل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، مجمع البحوث الإسلامية –القاهرة 1973م.
  6. ناصر الدين الألباني: نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق، المكتب الإسلامي 1952م.
  7. القسطلاني: شرح العلامة الزرقاني على المواهب اللدنية، المطبعة الأزهرية 1910م.
  8. ابن سعد: الطبقات الكبرى، دار صادر للطباعة والنشر 1998م.
  9. عبد السلام هارون: تهذيب سيرة ابن هشام– دار الكتب العلمية – 1996م.
  10. صفي الرحمن المباركفوي: الرحيق المختوم، دار الشرق العربي 2003م.
  11. الأزرقي: تاريخ مكة وما جاء فيها من الآثار، مكتبة خياط 1970م.
  12. الذهبي: سير أعلام النبلاء، دار الكتب العلمية، 2004م.
  13. محمد أبو شهبة: السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة : دار القلم 1996م.
  14. عبد العزيز سالم: تاريخ العرب قبل الإسلام، مؤسسة الثقافة الجامعية 1973م.
  15. الفاسي: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، دار الكتب العلمية 1980م.
  16. -محمد سعيد البوطي: فقه السيرة، دار الفكر، الطبعة العاشرة 2002م. 4

ابن هشام الأنصاري ، عبد الملك بن هشام الأنصاري، السيرة النبوية، دار الكتاب العربي، 2005م